قصة حزينة رسالة لم تصل أبدًا

رسالة لم تصل أبدًا

في قرية صغيرة تحيط بها الحقول الخضراء عاش إياد مع والدته امرأة مسنة أنهكتها الحياة لكنها كانت تحب ابنها أكثر من أي شيء آخر كانت قد فقدت زوجها منذ سنوات طويلة في حادث سير فكرّست حياتها لتربية إياد الذي كبر ليصبح شابًا طيب القلب يعمل في الزراعة لمساعدتها

كان حلم إياد أن يوفر لوالدته حياة كريمة، لكن ظروف العمل في قريتهم لم تكن جيدة. ذات يوم، جاءه خبر عن فرصة عمل في المدينة براتب جيد، فقرر أن يخوض هذه المغامرة رغم حزن والدته على فراقه. جلست بجانبه ليلة سفره، تمسك يديه بقوة، وتهمس:
 لا تنسَ أن تتصل بي كل يوم لا تتركني وحدي يا بني
ابتسم بحنان وقال
 أعدكِ يا أمي، سأعمل بجد وأعود سريعًا

وصل إياد إلى المدينة وبدأ العمل في شركة صغيرة. كان العمل شاقًا، لكنه كان يشعر بالسعادة لأنه سيتمكن من إرسال المال إلى والدته شهريًا. في البداية، كان يتصل بها يوميًا، يخبرها عن عمله، ويستمع إلى أخبار قريتهم الصغيرة. كانت تضحك وتخبره عن زيارات الجيران، وعن الأشجار التي زرعها في الحديقة والتي كبرت وأصبحت تعطي ثمارها

لكن مع مرور الوقت، بدأت الحياة تسرقه شيئًا فشيئًا. ازدادت مسؤولياته في العمل، وصار يعود متعبًا لدرجة أنه ينسى أحيانًا الاتصال بها. كان يخبر نفسه: سأتصل بها غدًا إنها تفهم ظروفي

لكن الغد أصبح أسبوعًا، ثم أسبوعًا آخر، ولم يعد يسمع صوتها إلا في المكالمات السريعة التي تجريها هي أحيانًا، بصوت مفعم بالشوق، لكن مكسور من الوحدة

في إحدى الليالي، جلست والدته في غرفتها تشعر بألم شديد في صدرها، لكنها لم تخبر أحدًا، فقد اعتادت أن تتحمل الألم وحدها. أخذت هاتفها المرتجف وكتبت لإياد رسالة قصيرة:
اشتقت إليك كثيرًا يا بني، أشعر أنني لست بخير، متى تعود

لكن إياد كان مشغولًا في اجتماع عمل مهم، ولم يلاحظ الرسالة إلا بعد ساعات. وعندما قرأها، شعر بوخزة في قلبه، فحاول الاتصال بها فورًا، لكنها لم ترد. اتصل بجارهم في القرية، فأجابه بصوت حزين
إياد... يجب أن تأتي حالًا

لم يسأل إياد عن شيء، فقط حجز أول تذكرة وسافر إلى قريته، وقلبه يغرق في بحر من القلق والندم

عندما وصل إلى منزله، رأى الجيران متجمعين أمامه، والدموع في أعينهم. اندفع إلى الداخل، ليجد والدته ممددة على سريرها، مغطاة ببطانية خفيفة، وعيناها مغلقتان كأنها نائمة. اقترب منها، أمسك يدها الباردة، وانفجر بالبكاء

أخبره الجيران أنها فارقت الحياة في تلك الليلة ممسكة بهاتفها، منتظرة منه أن يرد على رسالتها

جلس بجانبها لوقت طويل، يقرأ الرسالة الأخيرة مرارًا وتكرارًا، ويشعر أن روحه تتمزق من الداخل. لقد كان قريبًا جدًا منها، لكنه تركها وحيدة، في أكثر لحظة احتاجت إليه فيها

تعليقات